إنها لمكافأة رديئة للثورة وللجمهورية وللوحدة ،ان نعيش حياتنا كلها نتقاتل من أجل الجمهورية والثورة والوحدة .
منذ أن بدأ يمنيو العصر الحديث يتدحرجون إلى الحياة لم يجدوا مكاناً للراحة على الاطلاق.
عجلة التنمية تسير بأقدام سلحفاة والحروب الأهلية نشطة وشغالة على الآخر ومعدل سنوات الهدوء والسلم تبدو ضئيلة جداً اذا ما قارناها بمعدل سنوات الحروب، الحروب التي تقرح دائماً تحت مسميات حماية الثورة والجمهورية والوحدة و.. الحفاظ على وحدة الصف!.
قادة المعسكرات المنتصرة في فك حصار السبعين يوماً، تم تصفيتهم سريعاً وقيل لنا ان ذلك تم من أجل المصلحة العليا،وحفاظاً على وحدة الصف!.
المواجهات الدموية بين جبهة التحرير والجبهة القومية بعد الاستقلال مباشرة، هي الأخرى قيل انها تمت من أجل المصلحة العليا وحماية وحدة الصف.
الحروب الشطرية سنة 1972وسنة 1979 وحرب 13 يناير 1986 وحرب صيف 1994 وحروب صعدة الـ 5 واستخدام الجيش لتخفيف الاحتقانات في الجنوب الآن، حدث كل ذلك و قيل لنا انها من أجل المصلحة العليا للبلد!.
ازدحمت المقابر بجماجم اليمنيين أنفسهم. امتلأت السجون والمعتقلات بأنين اليمنيين انفسهم و لدينا رصيد حافل بمجانين يمنيين فقدوا عقولهم في معتقلات تعذيب يمنية صرفة، وقيل لنا ان ذلك كله حدث ويحدث حفاظاً على وحدة الصف!.
لدينا جرحى حرب بالآلاف وشهداء حرب بالآلاف دون ان تقرح حتى حبة طماش في مواجهة غاز أو محتل.
لدينا جيش قوي وعرمرم لحماية اليمن من الاعداء، من هم اعداء اليمن إذن؟ لا أحد.. اليمنيون ألد اعداء اليمن!.
ان استعراض القوة في عيد الوحدة أو في عيد الثورة أو حتى ان شاء الله في عيد الأم، لايرهب احداً غير اليمنيين أنفسهم. سلاحنا للاستهلاك المحلي فقط لأننا مع الجيران دعاة سلام جيدين. الحرب الاقليمية اليتيمة التي يمكن اعتبار ان اليمن خاضتها كانت مع ارتيريا سنة 1995 حول جزر حنيش لكنها سرعان ما انتهت باتفاقية سلام قال التلفاز عنها انها برهنت للعالم حكمة القيادة السياسية.
يا الهي ، ما أحوج اليمنيين لمثل تلك الحكمة،وما أحوجنا للسلام فيما بيننا البين.
ماالذي جنيناه خلال الـ50 سنة الفائتة غير أننا منذ احداث اغسطس الدموية 1967 صرنا أصحاب «مطلع» وأصحاب «منزل»، ومن بعد أحداث 13 يناير 1986 صرنا طغمة وزمرة، ومن بعد انتصار 7 يوليو 1994 صرنا دحابشة وانفصاليين، وخلال حروب صعدة الطاحنة عدنا « معردسين» الى خانة المذهبية، وخسرنا الوعي الوحدوي شمالاً وجنوباً يا للأسف.
50 عاما – الا قليل – من عمر الثورة والجمهورية و19 عاماً من عمر الوحدة ونحن نحارب بعضنا بعض ونغض الطرف دائماً، لماذا؟ لأنه قيل لنا – دائماً- ان ذلك تم من اجل المصلحة العليا للبلد، بغض النظر عن الاذى الذي ألحقوه بالمجتمع في الحقيقة .
تلك هي ألاعيب الصبيان التي خسرت البلد طاقتها وخيرة ابنائها. انه لجدير بنا ان نحمي الجمهورية والوحدة ووحدة الصف بالمواطنة المتساوية مُش بـ«العيفطة» أو بخرافة القوة وبالحنين الى لحظات سيئة من التاريخ .
ان كل جماعة تصل الى السلطة هنا تتفرعن ويصير في اعتقادهم انهم أسياد هذا الكون, في حين انهم، اصلاً، مخلوقات ناقصة لاتتمتع ببعد النظر والحكمة الكافيين ليروا عواقب مافعلوه بنا كشعب.
ما الذي يمكن أن نكابر به بين الأمم؟ و كل هذه الحروب والدماء كافية لأن تجعلنا أضحوكة أو كشعب سخرة، شعب تعدادنا قرابة الـ 24 مليون نسمة لكننا - مع الأسف- نعيش محشورين، بقسوة، في عبوات صغيرة؛ عبوة علي عبدالله صالح، عبوة علي ناصر، عبوة علي محسن الاحمر، عبوة الفضلي، عبوة عبدربه منصور هادي، عبوة علي سالم البيض، عبوة فلان وزعطان.
هذه العبوات مهما قدمت للشعب، ليست اكبر من الوطن ولا أهم منه. انها عبوات صغيرة، لكنها مدمرة وناسفة.وفي كل مرة، في كل حقبة من التاريخ لدينا – كيمنيين- عبوة نحتشر فيها ثم نلقاها تنسف أبو هذا البلد وتغادر!.
قيادة وشعب وعسكر ومسؤولون وتجار حرب ورجال دين، تعالوا جميعاً لنخجل من أنفسنا قليلاً.
انه لمعيب علينا ان نقضي بقية حياتنا في هذه الحالة من الاستنفار، البنادق مصوبة الى رؤوس بعضنا بعض والاصابع ترتجف على الزناد.
علينا الآن ان نحارب حروباً معينة وبطريقة معينة. نحن الى الآن لم نخض حرباً واحدة من اجل الحب والبناء والتنمية ،حروب الحفاظ على المصلحة العليا دمرت قلوب الناس وتقود البلد دائماً الى أسفل سافلين