< قبل حادثة المسجد الرئاسي ظللنا نتساءل: تقولوا با يرحل؟
< بعد الحادثة وإسعافه إلى السعودية صرنا نتساءل : تقولوا با يرجع؟!
< بعد خطابه المتلفز مساء الخميس الفائت لابد أننا سنتساءل كثيراً: تقولوا با يعقل؟ بيد أن إصراره على تكرار عبارة “سنواجه التحدي بالتحدي” لا تجعلني أبدو متفائلاً.
< وفي كل الحالات الكوميديان عبده الجندي وحده من يجيب على كل تلك الأسئلة، آخرها مثلاً أن الرئيس بعد العملية الجراحية الناجحة سيعود ولا ابن 16 سنة. ولعلها فرصة المعارضة اليمنية لتلتقط هذا الآن، خصوصاً وأن الدستور اليمني لا يسمح لمن هم دون الأربعين سنة أن يتولوا منصب رئاسة البلد.
< هناك مفارقات كثيرة تستحق الانتباه، بينها مثلاً أن ثورة 11 فبراير النبيلة بدأت من محطة صافر بتعز وانتقلت إلى كل المحطات، إذ صرت تجد الناس “طوابير” طويلة أمام محطات البترول.
< لدى هذا النظام عموماً كثيرٌ من الحيل لإلهاء الناس و«فَصْع» ظهورهم، وفي حقيقة الأمر لم يعد هناك من مقومات الدولة أي شيء غير “عبده الجندي” ورصاص الأمن.
< في المقابل أيضاً ليس هناك مقومات أو مؤشرات لوجود معارضة مُلهمة لتطلعات الشعب اليمني الصابر وبالعودة مثلاً إلى ما قبل جمعة الكرامة إلى ما قبل مذبحة 18 مارس، كان “صالح” رجلاً شاحب الوجه وهشاً يبحث لنفسه عن مخبأ آمن.. أو كرجل كان عجوزاً يواجه على آخر العمر طوفان شباب بدوا له كخصوم مربكين وعنيدين ولم يألفهم من قبل.
< لا بأس، يوم يدخلنا الله في تجربة كبيرة، يمنحنا بالمقابل النعم الكافية لتخطي مصاعبها. ولأن الله منح اليمن الآن نعمة أولئك الشبان الشجعان المرابطين منذ 11 فبراير وحتى اللحظة في ساحات الحرية والتغيير فإن من نعمه الكبيرة على “صالح” أن وهبه خصوماً سُذج يستطيع عبرهم، دائماً النفاذ إلى الواجهة. ثم إن الغرور وذات الإقصاء الذي مارسه “صالح” على كل من خالفه الرأي وكذا الاتكاء على القوة الذي بدا واضحاً على تصرفات الرجال التقليديين في أكبر أحزاب المعارضة الذين قوضوا نشاط الساحات وأحالوها كما لو أنها مخيم حزبي خاص بهم.
< لقد أشعرونا للحظة أن الثورة بانضمام الجنرال إلى صفها قد حظيت بعناية كوكب زحل وراحوا يرفعون أنوفهم للسماء ويتصرفون مع الآخرين بتعال ودونية وبوصاية بلغت من القُبح منتهاه، ما جعل ثورة الشباب النبيلة تسير لاحقاً بأقدام سلحفاة.
< وبين فرقة “علي محسن” وحرس “أحمد علي” كما لو أنني أتحدث عن بيروت الشرقية وبيروت الغربية(!) لايزال الشباب الشجعان يدفعون – بصدور عارية - ثمن أحلامهم في مواجهة جيش أُسري يمطرهم بالقناصة وبالرصاص!.
قيران
< في أعلى تبة أنيقة اختارها الشهيد إبراهيم الحمدي ذات يوم قديم لتكون مقرًا لدار الرئاسة في تعز، وأطلق عليها اسم “قصر الشعب” يقيم الآن الحاكم العسكري “قيران”، وينظر من هناك إلى الشعب باستعلاء ونخيط، كما ويدير من المكان ذاته أبشع الجرائم ضد أناس لم يرتكبوا أية جريمة، غير أنهم ضاقوا ذرعاً من هذا النظام وخرجوا إلى شوارع تعز في ثورة سلمية لم يدر في خلد أحد من شُبانها اللجوء إلى البندقية.
< لكن حماقة “قيران” المدعوم أصلاً من الجنرال الطفل طارق محمد عبدالله صالح استطاعت لوحدها أن تحيل ثورة الشباب السلمية إلى مواجهات مسلحة لابد أنها لم تفد النظام في شيء قدر ما أفادت العظلات التقليدية، وأحالت ليل المدينة الوديعة والمسالمة إلى مهرجانات قوارح ورصاص يومية.
الفندم الملطخ أساساً بدماء الشبان الذين خرجوا إلى شوارع عدن صبيحة 18 فبراير وتقنصتهم أعيرة النار،هو نفسه الفندم “قيران” الذي أسري به ليلاً، من عدن إلى تعز في مهمة قذرة عنوانها الأبرز: قتل الناس.. أو في أسوأ الأحوال جعلهم مجبرين يحملون السلاح.